إنتاج كتابي الحي العتيق
الحي العتيق
مرحا لقَد حَلّت عُطلة الصيف بعد صَبْر و جُهْد و عَنَاء طَويل و حَانَ وَقتُ لِزِيَاَرتِي بَيْتَ جَدّي فِي الحَي العَتِيق مِن المَدِينَة المُجَاوِرَة مِن حَيّنا العَصْرِي الرّاقي.
حَزَمْنَا أمْتِعَتَنا و قَصَدْنَا مَنْزِل جَدّي و البَسْمَةَ تَعْلُو مَحْيَانَا، مَا إن وَصَلنا حَتّى وَجَدْنَا اِسْتِقْبَالَا َرائعًا فَالكُلُ مُرَحبٌ بنَا و في انتظًارنَا أَوَّلَهُم عَطَارُ الحَي و الجِيرَانُ وَ عَائلَتُنَا الحَبيبَةَ . حَقًا كَمْ سَعِدْنَا بهَذا الاسْتِقْبال الشيّق فلا طالما اشتقنا الى مثل هذه الاحاسيس لقد فقدناها منذ انتقالنا الى حيّ جديد نظرا لمكان عمل أبي و أمي
دخلنا منزل العائلة فوجدنا رائحة تفوح برائحة البخور و العنبر إضافة الى رائحة الطّعَام الوَفِير الذّي يُشبِع كُلّ مَن اِشتَمّ رَائِحَتَهُ. كَمْ أحِنّ دَائِمَا الى هَذا المَنْزِل حَقّا انّه مَنْزلُ الخَيْر و البَرَكة .بَعْدَ نَيْل قِسْط مِنَ الرّاحة، خرجت مع أختي للتجوّل في أرجاء الحَيّ و نَقُصّ ذِكْرَيَاتُنَا الجَمِيلة عَلى بَعْضِنَا البَعْض و كُلّمَا خَطَيْنَا خُطْوَتًا إلاّ و اِسْتوقَفَنَا جَارٌ يُلْقِي السّلام و يَسْأل عَن أحْوَالِنا.
هَذِه الجَوْلة أثارت في نفسي الكثير مِنَ المَشَاعِر المُرْهِفَة. فَفِي الحَيّ العتيق مثلما تَتَلَاصَقُ الدُّورُ تَتَعَانَقُ القُلُوب في السَرَّاء و الضرّاء ،فَلَا أَثَر فِيه للتّكبّر، خِلافًا عَنِ الحَيّ العَصْري فَالعَلاقَات الاجْتِمَاعِيّة يَسُودُها قَحْط مُزمِنٌ لا أحَدَ يَلتَفِتُ لِجارِه و لا أحَدٌ يَشعُر بِمُعَانَاة غَيْرِهِ، الكُلّ مُنْصَرِف إلى شَأنِه مُنْغَلِقٌ على ذَاتِه و كَأَنّ بَيْنَهُم عَدَاءٌ قَدِيما سَكَنَ النّفُوسَ والقُلُوب فَمَحَا مِنْهَا كُل أَثَرٍ للتًرَاحُم و التكافل.
"فما أجمل منزل جدي و ما
أجمل حينا العتيق "